المــزيـــــــريــب
"بحيـــــرة الحــــــب والنـــوارس"
منذ أن عرف العالم كيف يدون له تاريخاً وحضارة، كانت بحيرة المزيريب إحدى أهم المعالم التاريخية في تاريخ التجارة حيث أنها تقع على إحدى فروع طريق الحرير أو ما يسمى طريق روما ، والتي تمتد من الصين إلى بلاد الشام حيث محطاتها الرئيسية مدينة بصرة الشام والتي يبقى هذا الطريق ممتداً من بصرى إلى أم الجمال في الأردن وينتهي منحرفاً باتجاه الغرب نحو مدينة البتراء في الأردن ومنها إلى فلسطين ، ومن بصرى يمتد فرع من فروع التجارة للعالم القديم نحو بحيرة المزيريب والتي كانت تمثل أجمل المحطات التجارية أو المحطة المثالية للتجارة لعذوبة مائها وجمال الطبيعة فيما حولها من الأشجار الدائمة الخضرة ، وبقربها أيضاً من أهم مدن الأكروبوليس الرومانية (جدارا _أو أم قيس ) والتي تتربع على هضبة عالية بشرف على بحيرة طبريا، ونهر الأردن ، ونهر اليرموك ، ومما يزيدها أهمية قربها من حدود فلسطين الشمالية .لهذا كانت بحيرة المزيريب من أهم المواقع الجميلة ، التي تجد فيها القوافل كل ما تحتاجه من ماء للتزود ، ومن حاجاتهم التي يريدونها لإتمام مسارهم جنوباً ، أم شمالاً ، أم شرقاً، أم غرباً.
وبعد تطور العالم الحديث أضحت المزريريب شيئاً مهماً على الصعيد التجاري، وشيئاً هاماً جداً لعشاق الطبيعة وجمالها، وتحولت خلال سنوات قليلة إلى منتجع سياحي طبيعي يمتاز بكل عناصر المتعة السياحية من خلال وجود الفندق السياحي والمركز الخاص بالتخييم لعشاق وهواة التخييم ،إن كان معهم خياماً أو يقومون باستئجار الخيام . وقد أقيمت قريباً من شواطئ البحيرة بعض الكافتيريات لبيع بعض احتياجات السائح المحلي أو العربي أو الأجنبي ، ووجود زوارق أو قوارب يدوية يتم استئجارها بمبلغ ضئيل جداً لا يتعدى الخمسين ليرة سورية ، ولأول مرة منذ زمن ليس قليل كان سرب كبير من طيور النوارس يحط في البحيرة مما جعل بعض الزوار ومن سكان المنطقة يعلق قائلاً : إنها المرة الثانية التي أشاهد فيها النوارس في البحيرة ، مما جعل الكثير من الناس تفد إلى المزيريب ، ومراقبة هذا العدد الكبير والنادر من طيور النوارس البحرية تحط ضيفة على بحيرة المزيريب .
إن شراء السمك الطازج المستخرج من البحيرة والذي يتم شراؤه حياً في معظم الأحيان وعلى مدار الساعة ، أو مشوياً حسب رغبة السائح ، بحيث لا يزيد عن مئتي ليرة سورية ، أو معدل خمس دولارات أميركية .
وقد ارتدت الطبيعة هناك بساطاً عظيماً من العشب الأخضر على شواطئ البحيرة وانتشرت الطاولات المدينة المصنوعة من البلاستيك ، لأن أصحاب الكافتيريات يقدمون عليها كل الخدمات المطلوبة بطريقة مميزة جداً عن أي مكان في العالم العربي ربما رغبة منهم لتشجيع الضيوف وعودتهم إلى منطقتهم والتي تبعد عن درعا بضعة كيلومترات .
هناك قطار يومي ينطلق يومياً من درعا صباحاً ، ويعود مساءً لنقل زوار المزيريب مما يجعل متعة الزيارة أكثر جمالاً وخصوصيةً ، ولا تزيد الأجرة للنقل من درعا إلى بحيرة المزيريب عن عشر ليرات سورية .
إن زيارة بحيرة المزيريب تعطي الضيف الزائر متعة الساحة ، ومتعة الجمال والانطلاق والتعايش مع الطبيعة البكر ومتعة الغوص في أعماق التاريخ القديم وتمنح القلب نشوة الإحساس بالجمال والتجدد والنشاط ، ونسيان متاعب العصر وجنون صحب الضوضاء ، وإرهاق العمل والبعد عن هموم الأرقام ، لأن في هذه الزيارة المتعة الحقيقية.