ألف يوم حول العالم ** فيصل محمد عوكل
*سوريا …مهد الجمال والتاريخ والحضارات :-
1. الشهبــــاء / أرض العناقيـد والصلبـان.
2. المـزيــريب /بحيـرة الحب والنوارس.
3. درعــا / بوابـة السي احة والتجارة .
4. بصــرى / أرض الحضارات المتعاقبة.
5. دمشـــق/ قلـب الوطــن العـربـي.
☺☺☺☺☺☺
سوريا مهد الجمال والتاريخ والحضارات:-
سوريا العريقة بحضارتها وتاريخها المدهشة بربيعها وأرضها الرائعة بكل فصول السنة، يكون مناخها معتدل إن كان في ذروة الشتاء أو الصيف . سوريا بلد الدهشة السياحية من حيث جمال شواطئها البحرية وحدائقها الدائمة الخضرة والجمال وكأنها البلد الوحيد الذي يحتفظ بربيعه دائماً طوال السنة ، حتى يكاد الزائر يجزم بأن أصعب الناس مزاجاً لابد أن يجد في سوريا ضالته وما يجعله راضياً وسعيداً . (فإن سوق الحميدية )والذي يبقى طوال النهار وكأنه نهر مضطرب من كثرة الزوار،ولا تكاد تخطوا فيه بضع خطوات حتى تشعر وكأن كل شيء فيه يجذبك إليه من البضائع الغريبة واللطيفة ، التي تجعلك تشتريها ولو لم تكن بحاجة إليها . وبما عرف عن الشعب السوري من ذكائه التجاري وعراقة مدينة دمشق التجارية عبر التاريخ . وفي نهاية السوق يشمخ (المسجد الأموي ) حيث يجثم عند بوابته الشمالية قبر ( صلاح الدين الأيوبي ) وعند مدخل السوق تقف بإجلال صامت قلعة صلاح الدين " القلعة الحربية"حيث يقف غير بعيد عن باب الفرسان تمثال ضخم لصالح الدين على فرسه حاملاً سيفه ، وعند قدميه يجلس ملوك الإفرنج مكبلين بالأغلال، بينما ينساب نهر بردى على بعد خطوات منه. إن سوريا تمثل العراقة للماضي والعراقة للحاضر وتسير بخطوات تواكب التقدم العربي والعالمي .وتطوير كل وسائل السياحة ومرافقها وإن من لم يقم بزيارة سوريا ، فكأنه لم يرى العالم قط ،لأنها المزيج الأعظم للحب والجمال والتاريخ والحضارات.
يوميات صحفي غير مسؤول " فيصل محمد عوكل"
(الشهباء – أرض العناقيد والصـــلبان)
هذه الرحلة كانت من أصعب الرحلات على نفسي وعلى جسدي ليس لبعد المسافات أو العناء . بل لكوني كنت مريضاً جداً وقد داهمني مرض التهاب القولون والذي لم أصب به سابقاً بل على العكس كنت أجهل طبيًا أن في جسم الإنسان أصلا شيئاً يسمى القولون . وكان الطبيب يزورني ليلياً بعد منتصف الليل ليحقنني بالمهدئات والمضادات الحيوية لعلي أنام ولم تفلح كل هذه الحقن في إخماد غضب القولون الهائج المجنون هذا والذي كان يسبب لي آلاماً شديدة في كافة أنحاء جسدي ورغم ذلك كنت مصراً على أن أقوم برحلتي هذه من بصرى إلى شهباء ومنها إلى السويداء عاصمة جبل العرب الروحية والتي لابد من اجتيازها كي نصل إلى جبل شيمان " الأب الأكبر لمجموعة من الجبال البركانية الخامدة " فقمت بإستئجار سيارة بكب لمدة أربع ساعات بمبلغ 1500 ليرة سورية أي مل يعادل 22 ديناراً أردنياً وطلبت من السائق أن يتمهل في السير خشية المطبات أو الحفر لان حركة واحدة (أو خضة واحدة) تجعلني أصرخ من شدة الألم والذي كنت أتحداه بقوه أن يعيقني عن الرحلة وإتمامها والكتابة عن هذه المدن العظيمة تاريخيا والغارقة في بحر النسيان بالنسبة للقارئ العربي للأسف.تحركت بنا السيارة من محطة قطار بصرى ببطء وحذر حتى أخذنا طريقاً محاذياً لبصرى ومن ثم أخذ الطريق إتجاها شمالياً مستقيماً لا يخلو من الحفر الصغيرة لكون الشارع قديماً ورغم مسيرنا والذي كان لايزيد في أقصى سرعته عن ستين كيلو متراً في الساعة إلا أن الألم كان يتزايد مع حركات السيارة يميناً ويساراً أو انخفاضا وصعوداً حتى وصلنا إلى مدينة شهباء وأنا لا أكاد أعي من الطريق شيئاً على الإطلاق لشدة انشغالي بالآلام الشديدة في جسدي كله وانحطاط في قواي . وأنا في حالة صراع شديد مع الألم ومع نفسي هل أعود فوراً أم أتابع رحلتي حتى النهاية . فنزلت من السيارة وأنا في غاية الإعياء وطلبت من السائق ومرافقي إسعافي بالماء فوراً وبقليل من السوائل إن كان شرابا من العصير أو المرطبات وجلست قرب بوابة المدينة الأثرية من الداخل تحت شجرة ضخمة جداً اختارها لي السائق ومرافقي في الرحلة حتى لا تؤثر بي حرارة الشمس علاوة على ما أنا فيه من الإعياء والمرض ولم تفلح كل مساعيهم الحميدة بالحصول على شيء من المرطبات لعدم وجودها في المخلات التي سألوا أصحابها عن وجود مثل هذه المرطبات عندهم قائلين إنها غير متوفرة لان السياح يحضرون أغراضهم معهم وهنا في القرية لا يهتمون بشراء الماء لنقاء الماء عندهم.وكان أول ما لفت نظري هو هذه الشجرة الضخمة والتي يحضر السياح نحوها ويلتقطون لها الصور للذكرى فأخبرني رجل عجوز من أهل القرية قائلاً بأن آباءه وأجداده كانوا يتحدثون عن هذه الشجرة وعدمها وبأنها منذ زمن بعيد موغل في القدم ولا يوجد أحد يستطيع أن يعرف بتاريخ أو عمر هذه الشجرة الضخمة والمعمرة والذي يعتقد البعض بأنها بكاد بكون بعمر المدينة القديمة وبأنها أثر طبيعي خالد من جملة آثار مدينة شهباء واللافت للنظر في مدينة شهباء كثافة النقوش الدائرية التي يتوسطها صليب وأيضاً النقوش الدالة على عراقة المكان كزراعة العنب " الدوالي " والتي تخلدها هذه النقوش حيث يفتخر القرويون في الشهباء بأن المنطقة من أشهر المناطق بزراعة العنب منذ القدم لكونها ارض كان للبراكين أثر بالغ على تربتها مما أعطاها تميزاً خاصاً بزراعة العنب حيث كان يعصر في الحضارات السابقة ويخمر لاستخراج الخمور منها عدا عن كونه شراباً لذيذاً ومفيداً كعنب أو مأكولات كفاكهة لذيذة لهذا خلده الأقدمون على منحوتا تهم فتركت محدثي العجوز بعد اعتذاري له وتابعت تجوالي داخل المدينة والتي تكاد أن تتوقف وأنت تتساءل هل هذه قصور .. أم كنائس وسيان عندي في هذا الأمر فظاهرها قصور رومانية هائلة رائعة بديعة قوية وليست كنائس ولكن المفاجأة أن معظم هذه القصور أيضاً يغلب عليها الطابع المسيحي بقوة واللافت للنظر أن في الجهة الجنوبية الشرقية للمدينة الأثرية توجد مقبرة قديمة ويغلب على توابيتها الحجرية الصلبان وليس العور والتعاويذ الوثنية والتي كانت في العصور اللادينية مما جعلني اعتقد بان هذه الآثار كانت على ما يبدو مدينة رومانية بكل قصورها وأبنيتها وقبورها حتى تغلغلت المسيحية في المنطقة فأضيفت الصلبان كرمز للديانة المسيحية .وان الشهباء كما أخمن ليست مدينة عادية دينيا ،بل ربما كانت من أهم المدن التبشيرية في مهد الديانة المسيحية حيث انطلقت من هناك تباشير الديانة المسيحية نحو العالم بعد أن أخذت طريقها للوجود بعد الاضطهاد والتنكيل الروماني لهم .
أن زيارة الشهباء يحتاج الى الكثير من الوقت للمتأمل، وليس للمتألم لهذا كنت سعيدا جدا وأنا أتابع رحلتي كي أقهر المرض لا أن يقهرني منطلقا من شهباء إلى مدينة السويداء والتي تعتبر العاصمة الروحية بجبل العرب ،حيث يسكن هناك في قصر متواضع وبسيط ،رمز جبل العرب سلطان باشا الأطرش ..قبل وفاته وقد بقي هذا القصر لأحفاده كرمز للشموخ والرجولة في جبل العرب . ولم يطل بنا المسير لأننا لم نتوقف في المدينة بل كنت ألقي فيها نظرة سريعة وأتابع ماضيها التاريخي في ذاكرتي . وحاضرها الذي حولها إلى مدينة عصرية في غاية التقدم ولكن بعمق وعراقة التقاليد .لقد تغيرت الأبنية والمساكن . ولكن التراث والتقاليد في جبل العرب لم تتغير بل ربما جعل التقدم الحضاري لدى أهل جبل العرب ردة فعل عكسية جعلتهم يتمسكون بتقاليدهم بقوة وعنف ،وكأنما هم يدركون بأن هذا التقدم البديع سوف يسرق منهم شيئا يحبونه ويتمنون بقائه ،لأنه رمز خصوصيتهم الإجتماعية،فتوسعوا في البناء وطوروها وكذلك نواحي التجارة والصناعة ،ولكن بقي تراثهم الخاص عميقا في أرواحهم
.