الأردن فـــي عيــــن الكاميــــرا
عمـــــــان بين سقــف العالـــم وسقــف السيـــل
يقولون التبت هو سقف العالم حيث العبادة والصمت ، وأقول أن العالم الحقيقي هو سقف السيل في عاصمة الأردن (عمـــــان)
حيث تشاهد أنها البشر على الأرصفة ضجيج الباعة الباحثين عن رزق عيالهم ، فالبحث عن الرزق قمة الإخلاص والعبادة وحينما نقول سقف السيل فإن على جوانب الشارع أعاجيب فمن سبيل الحوريات القائم حتى اللحظة من عهود روما وعهد الإغريق ، إنه سبيل سقف في شارع مسفلت فسمي سقف السيل وهو يمتد طويلاً حتى ينتهي عند الساحة الهاشمية .
ويسمي البعض سوق سقف السيل تسميات عديدة منها ماهو جاد ومنها ماهو على سبيل المزاح فدعونا نرى حقيقة سقف السيل (سقف العالم الحقيقي)لنرى كل شيء.بازار الفقراء
وتقع عمان على سبعة جبال تطل معظمها على قلب عمان وسقف السيل وأشهرها جبل القلعة والذي يحوي آثاراً عظيمة لقلعة ومدينة قديمة إسمها ( ربة عمون )وسماها الرومان فيلادلفيا وعلى قمة جبل القلعة الأثرية يقع المتحف الوطني للآثار وعلى قمة جبل القلعة الأثرية يقع معبد هرقل ومن النادر أن تجد القلعة خالية من عشاق السياحة والآثار من السياح الأجانب وحتى العرب منهم ولكن معظمهم ينطلقون عند خاصرة أو ذيل سقف السيل حيث المدرج الروماني وعند الجانب الجنوبي الشرقي لعمان تجد كهف أهل الكهف أو كهف الرقيم الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ، وعلى غير مبعدة من عمان غرباً تقع مدينة جرش الرومانية الخالدة ، وحتى لا نوغل في الحديث عن تاريخ الأردن ، المعروف سياحياً وأشهر موقع فيه هو البتراء أو مدينة الصخور الوردية المدهشة وخليج العقبة وأماكن كثيرة غنية عن التعريف عليها لمن زار الأردن ، لنعود الأردن لنعود إلى بازار الفقراء سقف السيل ، هو امتداد عجيب ينحني الشارع مع انحناء قديماً قبل أن يسقف بالشارع فيأخذ تسمية سقف السيل ، أما تسميته العجيبة أو الظريفة ( بازار الفقراء) فهو لكونه يحوي بضائع غريبة جداً ، ففي سقف السيل وأنت تتجه شمالاً باتجاه الساحة الهاشمية وقبل وصولك إلى سبيل الحوريات الأثري وعلى اليمين تجد ساحة كبيرة فيها كل ما هو قديم وحديث من الأثاث المستعمل فقد تجد غرفة نوم من العهد التركي أو العهد البريطاني وقد تجد غرفة نوم أحدث موديل تباع كبضاعة ستوك وعدى غرف النوم والمفروشات ، فهناك الأدوات الكهربائية المشطوبة نهائياً والأدوات الكهربائية موديل آخر وعد تشم رائحة العطور من باعة العطور على أطراف سقف السيل وبالمقابل تشم رائحة بغيضة جداً ومقززة لأن سوق الجزارين ليس ببعيد عن سوق العطور فهناك باعة المقادم والفوارغ والكرشات والكلاوي وباعة سندويشات أمخاخ الخراف ودخان كوانينهم لا يهدأ ولا يزول إلا بعد المساء وعلى طرف السيل ( سوق الحرامية ) وقد أطلق عليه هذا اللقب السيء لأنه يباع فيه بضائع مهربة أحياناً وبضائع رخيصة الثمن يرغب أصحابها التخلص منها فيظن الناس بأنها مسروقة ،ولأنه قد حدث أن قبض على بعض اللصوص قديماً فقد ثبت على بعض اللصوص قديماً، فقد ثبت على السوق هذا إسمه البغيض سوق الحرامية ، يقابله سوق البالة والملابس المستعملة ، وبعدها يكثر باعة الأرصفة هذا يبيع علكة وهذا سجائر وهذا ملابس وأحذية قديمة حتى ينتهي إلى المكتبة القديمة لأمانة العاصمة والتي هي الآن مكتبة أطفال في الطابق السفلي ومكاتب لاستقبال ضيوف وسياح عمان، والذي يقع خلفه مباشرة قلب عمان حيث المدرج الروماني ، وأمامه حديقة الساحة الهاشمية ومدرج مجلس الشيوخ( مجلس السناتو الروماني)والذي يسمى في عصرنا الحاضر البرلمان
(ابتسم أنت في قلب فيلادلفيا)
إن هذه الساحة الهاشمية كانت في السابق من أهم الساحات ضجيجاً وصخباً وحياة في تاريخ الرومان حينما كانت العاصمة فيلادلفيا حيث كانت تقام حلبات الموت بين المتصارعين بالسيوف والأسرى الذين كان يؤتى بهم وتطلق الأسود عليهم بين صيحات السعادة والسخط بين الجمهور المحتشد على المدرج الروماني القديم هنا الآن اختفت صيحات الحشود ، واختفت إلى الأبد الأسود وأضحت ساحة مليئة بالأشجار والورود .ولم يبقى من روما وعهدها البائد إلى الآثار ،وأفواج السواح الذين لا ينقطعون عن زيارتها أفواجا .
(هنا الوطن العربي ،والعالم)
ليس غريبا هذا الكلام فعلى الحشائش والمقاعد وحجارة الآثار تجد من أنحاء الوطن العربي الكبير فهناك ضيوف الأردن من العراق ،وهناك ضيوف من السودان وسوريا ،ولبنان أن هنا وبهذه الرقعة الصغيرة يجتمع كل الأضداد سياسيا ،بحب ،يشربون الشاي بالنعناع والنرجيلة ،إما على الحشائش أو وهم يتمشون ليلا مع عوائلهم،أو عائلاتهم وأطفالهم ،أو يجلسون في الكفتيريات ،يدخنون النراجيل تحت ظلال المظلات الكبيرة الواقية بأسعار ربما لا يحتملها الفقراء منهم ،أو أن يشربون الشاي ..السفاري ..بكوب بلاستك بسعر رخيص واكثر باعة الشاي ..السفاري هذا من الاخوة المصريين إذ يكفي أن يحمل إبريقا ،وجيبا فيها ضمة نعناع ،وأكواب بلاستك ليسقي المتنزهين .في هذه الساحة يجلس القادم للنزهة والساخط على العالم وعلى نفسه والهارب من ويلات الحرب وكل صنوف البشر وأفواج السياح ،وهؤلاء معظمهم حذرون في تعاملهم مع المواطنين والغرباء لأن في رفقتهم أدلاء سياحة يوجهونهم كما يرغبون وهم خلفهم فيجلسون في مطاعم واستراحات الساحة الهاشمية ،وبعدها ينطلق الجميع نحو مجمع رغدان حيث مجمع باصات لكافة أنحاء العاصمة .
كل هذه الأشياء ترتبط جميعاً بشيء إسمه سقف السيل ..تجارة .. صناعة .. أدب ..تاريخ ..ثقافة ..فن ..طعام ..متعة ..هروب نحو الفضاء الرحب..وكل هذا موجود ضمن مساحة محدودة تدعى سقف السيل ..ترى لو يكن السيل مسقوفاً فهل ترانا نستمتع حقيقة بكل هذا . لا أحد يدري ولكن لسقف السيل نكهة الإرادة والحياة والجمع بين الأمس واليوم والمستقبل والعيش بالحضارة المعاصرة، بتآلف غريب ولكنه مقبول نوعاً والكل تجمعهم عمان في سقف السيل سقف العالم.