" طفل صغير إسمه فيصل عوكل"
• عرف نفسك؟
- طفل كبير اسمه فيصل محمد عوكل وقدر لهذا الطفل الكبير أن يلهث خلف كلمات مطاطية في حقل من الألغام اسمه الصحافة .
• من أنت ؟
- حينما أعرف سوف أعلن بالتأكيد عن ذلك المشروع الإنساني الرفيع الذي سحقته طواحين الموت في آلة الزمن المادية كي تفقد هذه الطفولة والحب كل معانيها الحقيقية
• هل هناك علاقة ما بين الحب والكتابة ..؟
- الحب حالة مخاض متواصل ونار مقدسة تنبثق خلال النزف والنور والاحتراق خطوط الكلمات لتعبر عن ميلاد الفرح وامتداد مساحة الرؤيا الإبداعية لأن الكلمات تنبعث من رحم الإحساس الدامي في لحظة الانعتاق من اللاشعور ولأن التعبير هو لغة الإرادة والإحساس الكامن في أعماق الوجدان في لحظة التوهج العفوي القصوى فإنني أقول بأن من لا يرى الحياة الكامنة في السطور ولا يسمع حكمها الهامسة أما أن يكون أعمى الشعور وميت الإحساس وهذه هي المنطقة الحمراء الوسطى بين القلب والقلم .
• عرفت وعرف الكثيرون بأن الكثير من كتاباتك يميل إلى الكتابة الساخرة وتحمل طابع الحدة..؟
-إنني أكتب في هذا المضمار كي يرى الناس ظلال الابتسامة في زحمة متاعبهم اليومية وفي نفس اللحظة أحاول أن أبتسم فأجد بأنني كلما اتسعت مسافة ابتسامتي تكشف لي بأن مساحة أحزاني تزداد اتساعا وأما الحدة فليست مني بل من الحقيقة الجادة التي أحاول طرحها جادا ولأن للحقيقة وجها واحدا يمقت رؤيته السواد الأعظم من الناس .
• هل تحاول أن تجيب بأسلوب فلسفي ..؟
- لا .. إنني أحاول إعطاء صور عديدة لجوانب خفية في عالم أحادي النظرة قصير النظر ، ومحاولة للغوص لإخراج اللغة الحقيقية والتصوير العفوي الصادق والذي نحن بأمس الحاجة إليه بعيدا عن لغة العصر المزخرفة بالزيف والنفاق الاجتماعي ..
• كيف ترى الحركة الأدبية ..؟؟
- إنها حتى هذه اللحظة عاجزة تماما عن كسر الحواجز للوصول إلى الإنسان المثقف بل إنها تتقوقع حول نفسها ومؤطرة بحيث لا يصل إلى محورها إلا قلة بسيطة ، وحتى هذه القلة لها مآخذ لا توح بها جهرا ووجود مثل هذه الحواجز وهذا التقوقع يجعلها حركة إعلامية على الورق وليس لها دور في الحياة العامة وكسيحة في أن تلحق بركب الحضارة ما لم يحدث تغيير حقيقي هدفه رفع شأن الأدب وخلق جيل جديد يؤمن بالثقافة الوطنية وتنشأة جيل مرهف الإحساس لا يسعى لمنصب بل يقوده الإحساس والإخلاص وعشق الكلمة لكونها رسالة حياة وخلود
• يقال بأنك كنت تناصب المرأة العداء لسنوات طويلة تحت أسماء مستعارة ويقال أنك مازلت كذلك ؟
- إن إعلان العداء المسافر ضد المرأة هو تقرب مبطن لنيل رضاها وإن المرأة مثل طفل صغير محروم أعطي حريته فجأة فأضحى يتحرك ويمارس حياته بطريقة مغلوطة لهذا كنت ولا زلت أخاطبها بلغة تدركها الأنثى الحقيقية بخاصيتها الأنثوية ككائن مرهف وإن كان صوت نواقيسي للكلمات صاخبا فلكي أثير انتباهها بعد تعاميها عن المنزلقات والانحدار الذي تسير إليه ، وويل للحضارة التي تولد إلى الهاوية .وإنني كنت ولازلت وسأبقى أدعو إلى تطوير حرية الفكر والإنسانية وحفظ روحها المرهفة لأن المرأة المسحوقة لا تنجب جيلا من المسحوقين وإن الكثير من النساء لا يدركن ماذا تريد المرأة وهذا أمر مرعب والأولى نشر الوعي لدى بعض فئات النساء لتدرك دورها في الحياة فالحياة حياة المرأة ليس حكرا أن تتزوج وأن تنجب فقط ثم تموت بل إن لها دورا عظيما ولهذا خلقت لأن بين يديها تنمو الإنسانية فهي الأقدر على منحنا الحياة والحب والموت.
• هل أحببت؟؟
- إنني لا أعرف شيئا عدى الحب وحتى هؤلاء الذين لا يملكون أياد ملونة تخفي في قفازاتها مخالب تغرسها في كل شيء يمكنها من التسلق وألسنة زلقة تمكنها منن التملق حتى هؤلاء المسوخ البشرية لا أقدر على كرههم لأنني أنفر وبطبيعتي الفطرية من كل ألوان الحقد الداكن وأنا أفر منه عن بعد والحمد لله لم أعرفه ولكن تأثيره السبي عانيت منه الكثير لأن الإنسان المتفوق دوما يواجه الكثير من هؤلاء الحسدة والمنافقين والمتسلقين أشباه القردة .
• أذكر لنا بعضا من تاريخك الأدبي؟
أعتقد بأن كتاباتي المتواضعة ومخطوطا وأذكر بعضا منها فمنها سلسلة قصص قصيرة وسلسلة كتب مصورة للأطفال وكان آخر السلسلة من الإنتاج الأدبي كتاب(علم يسكنه الشيطان ) وقد نشر معظمه في صحيفة شيحان ، وكتاب ( الفرحة الأخيرة للميت ) والذي يتكون من مجموعة من الأساطير التراثية المحلية والتي لم يسبق إليها أحد من الأدباء المحليين ، ولا زالت مخطوطة وكتاب ( امرأة تعترف سرا ) وهو من ثلاثة أجزاء وهو أحب مؤلفاتي إلي.
• من هي المرأة الجميلة في نظرك..؟
هي المرأة التي تثير خيول جنون الكتابة عندي فتصهل في كل أعماقي بقسوة تجعلني لا أعرف السكون إلا في مجاهل عينيها وفي حضرتها الممتلئة…
• فهل صادفتها ..؟
نعم وهذا مثير للدهشة وجدتها متأخرا وأنا أنزف حتى حد الاحتراق والموت المريع ، إلا أن وجودها بحد ذاته يعني الحياة كلها للإنسانية .
• من هي المرأة الدميمة والذميمة في نظرك..؟
المرأة الدميمة هي المرأة الجاهلة والمرأة الذميمة هي المرأة الحسناء الذكية الخائنة.
• ماذا تعني لك شيحان / والهدف ، وماذا يعني لك القلم والقرطاس..؟
شيحان نبته برية تمردت على الفصول لتبقى يانعة مورقة رافقتها بشغف وهي في طفولة مهدها وحتى أضحت ناهدا تفرد صدرها للريح كعروس تهوي إليها القلوب فأضحينا عاشقين حتى الآن ومنذ الطفولة البكر العذبة ولا زلت أتأبط كتفها وصدرها الحاني المشبع بعطر الحقيقة الجميلة .. وأن الهدف هي المبتغى لكل من يسعى للوصول إلى حقيقة الطريق للكلمة بعيدا عن شعار تجارة الكلمات وأرجو أن تكون (الهدف) هي هدف كل قارئ واع ومثقف وعلى كل مستوى وأن يساهم في رفعتها ونموها الناضج بثقة .
وأما القلم فهو أداة مقدسة في معناها الروحي يمتد إلى عمق الروح فيأخذ مداده من دماء القلب ورعشة الروح وضياءها ومن يحمله فقد حمل بصدق فوق ما يطيق إن كان صادقا وأما القرطاس فهو مساحة النزف والنبض وفي الأيدي الدنسة يتحول إلى مقبرة الكلمات السوداء..
• في كل المساحة الممنوحة لك في وسائل الكتابة الأدبية والصحفية هل قدمت ما تريد أن تقدم ..؟
حتى اللحظة لا أعتقد بأنني قد بدأت ولا أظنني قد كتبت ما يجب من الكتابة العميقة لأن المساحة الممنوحة لي لا تتيح لي حرية الكتابة التي أريد وكما أحب لأشعر بعدها بالارتياح وقد حاولت أن أستقل إعلاميا ليكون لي منبر إعلامي وأدبي خاص ولكن الزمن والظروف لم تكن مواتية لأبدأ المسار لأكتب حقيقة حقائق ما هو مطلوب مني وما هو واجب علي .. لأن المزاجية في كثير من الأحيان ، تمنعنا من التعبير وبعض أصحاب الصحف يطالبوننا بكتابات معلبة ومثلجة حسب الطلب ، وأنا لا أجيد هذا النوع من الولادات الأدبية الميتة.
لقاء صحفي نشر في صحيفة الهدف بتاريخ 25/7/1997م