دردشة أدبية في الفضاء
ما بين القاهرة .. وصنعاء
هنا مطار صنعاء الساعة السادسة مساء وبانتظار الطائرة اليمنية المتجهة من مطار صنعاء للقاهرة في الساعة الواحدة إلا ربع صبيحة يوم العيد المبارك كنت أجلس على إحدى مقاعد الانتظار للمسافرين وحدي احتسي كوبا من الشاي بالحليب وأعبث بالأوراق التي سأرسلها بالبريد لإحدى الصحف عن رحلتي لليمن وكم كنت سعيدا ومغتبطا بهذه الزيارة لأرض اليمن لأطلع على أحب الحضارات القديمة لنفسي وقلبي لكون اليمن هي أم الجزيرة العربية ومنها خرجت معظم القبائل التي عمرت ديار نجد وبلاد الرافدين والشام وفلسطين ومنذ العهود القديمة وقبل آلاف السنين حينما انهار سد مأرب ومملكة بلقيس العظيمة وعرشها الذي خطفه أحد العفاريت لسيدنا سليمان عليه السلام وسيف بن ذي يزن اليمني وأساطيره الخارقة للمألوف وهذه الأبنية الجميلة والمميزة للعمارة العربية منذ قدم التاريخ والتي لازالت شامخة مثل هذا الشعب الطيب والمضياف والذي لا يزال يحافظ على طيبته وكرمه العربي وبساطة عربية أصيلة لم تدمرها المدينة الحديثة هذه الأمور كانت تشعرني بالارتياح والسعادة بزيارتي لليمن الشقيق وأنا أتخيل أيضا ماذا سوف أكتبه في كتابي عن الألف يوم حول العالم والتي أقوم بها وبينما كنت منسجما على نفسي لا أعبأ بالوقت .. أنزل أحد الحمالين الحقائب عن عربة عدة حقائب ليجلس لجانبي ، رجل في الأربعين أو يزيد قليلا من عمره وكان ينظر نحوي باستهجان لوجودي بمفردي والانتظار دون ملل فما كان مني إلا أن شعرت بحاجة لأن يشاركني قدحا من الشاي ونتحدث لنقضي الوقت في الدردشة ودردشة المسافرين والصداقات السريعة هكذا أسميها لكثرة ما أرى خلال تجوالي فتجعلني أتعرف على عجائب الشخصيات الآدمية وعاداتهم ومهنهم الغريبة .. وبدأ الحديث يأخذ مسار التعارف التقليدي لنغوص بعد قليل في متاهات الفلسفة الاجتماعية وعلم الحضارات .. ومن هذا المنطلق تنبه كل منا إلى معرفة صاحبه تماما فأوجزت له حديثي بإعطائه ورقة فيها مختصر ذاتي يغنيني عن الحديث وفيه موجز عن تأليف كتابي الألف يوم حول العالم وبأن رحلاتي سوف تكون في كتاب شامل يجمع كل عادات الشعوب وغرائبهم .. فإذا بي أيضا أمام دكتور في الفلسفة الإسلامية والتصوف وله عدة كتب منشورة في مصر والعالم العربي وأذكر منها بعض العناوين :-
• الرادة عند المعتزلة والاشاعرة : وهي دراسة فلسفية اسلامية صدرت عن دار المعرفة الجامعية بالاسكندرية
• السياحة في الإسلام : صدر عام 1996م
• القدوة الصالحة وأثرها في تنشئة الطفل
• كتاب دراسة اسلامية عن المتكلمين والفلاسفة والصوفية : صدرت 1994م
• الفناء عند الصوفية والعقائد الأخرى وهي دراسة مقارنة صدرت عام 1996م.
فإذا بي أمام الأديب والعلامة الدكتور عبد الباري محمد عبد الباري داوود..دكتور في الفلسفة الاسلامية والتصوف ويحمل شهادات عديدة ومن عدة جامعات منها :-
• دبلوم معلمين عام 1970م
• ليسانس آداب قسم الفلسفة /جامعة الاسكندرية عام 1982م
• ماجستير في الفلسفة الاسلامية /كلية الآداب /جامعة الإسكندرية 1987م
• دكتوراه في الفلسفة الاسلامية والتصوف الاسلامي كلية الآداب / جامعة الإسكندرية عام 1992م
وصديقي الدكتور العلامة له العديد من الأبحاث المنشورة في صحف عدة حيث يناقش فيها مواضيع مختلفة مثل:-
• سيكولوجية الصمت : دراسة نفسية اسلامية
• سيكولوجية الطفل في إطار المنهج الاسلامي لثقافة الطفل
• الجمال عند الصوفية مؤتمر الفلسفة الاسلامية الأول بكلية دار العلوم عام 1996م
• القدوة الصالحة وأثرها في تنشئة الطفل الاجتماعية والسياسية
هذه هي بعض الدراسات التي كتبها وقدمها للقراء في مصر والعلم العربي وهو يعمل مدرسا في إحدى الجامعات اليمنية .
كل هذه المعلومات كنت أدونها في ذاكرتي المتخمة حتى لا تزول أو تتبعثر مع مجموعات الأشياء الكثيرة في هذه الرحلة الجميلة وأنا أتحدث مع الدكتور العلامة الذي أتحف المكتبة العربية والإسلامية في المعارف .. وبقي الحديث مستمرا حتى صعودنا الطائرة المتجهة نحو القاهرة .
وعند العودة للحديث حول الآداب أضحى لنا رفيق ثالث ناعم وهي مضيفة طيران تعمل في أحد شركات الطيران في اليمن وقد حباها الله تعالى الجمال والثقافة والوعي والذكاء .. فدخلت إلى حوارنا الممتع في الطائرة وقد عدمت للتحدث عن آخر إنتاج أدبي لهذا العلامة ليكون القارئ على علم بكل جديد في عالم الأدب فعلمت بأن هناك مجموعة جديدة قيمة تحت الطبع ومنها :-
• تربية الطفل : دراسة منهجية اسلامية
• التنشئة السياسية للطفل
• سيكولوجية المرأة في إطار المنهج الإسلامي
• الحياة الروحية في الآيات الكونية
• الاستقامة الشرعية
• الأجوبة المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية للإمام عبد الله الشعراني : دراسة وتحقيق.
وهذا هو آخر نتاجه الأدبي والفكري الديني والتي تذكرنا بالأدباء القدامى الأفذاذ والذين منّ الله تعالى بهم على الأمة العربية والإسلامية ليطوروا الثقافة والأدب والفلسفة .
وقد كانت هذه الرحلة الأدبية الجميلة والممتعة مع الدكتور أثناء تحليقنا في الفضاء ما بين القاهرة وصنعاء وفوق البحر الأحمر لنفترق صبيحة يوم العيد في مطار القاهرة وكل ما كتبته ما هو إلا نبذة عن فكره الأدبي المنشور وغير المنشور . ومع لقاء جديد بشخصية جديدة ألتقي فيها أثناء تجوالي حول العالم وعلى الحب نلتقي .
فيصل محمد عوكل
17 / 5 / 1997م