رحله الى ارض النور والنخيل والبخور
من كتاب الف يوم حول العالم
للكاتب والصحفي والرحاله العربي فيصل محمد عوكل
00منقول 0مها عبد الله بدوي
كثيرا ما اكتب واعود فامزق ما اكتبه وكانه لا يعنيني وانا اشعر حينها بان الكلمات كانت ليست بالمستوى المطلوب واحيانا اكتب واقوم بنشر ما كتبته بالصحف فاجد بانني لم اعط هذا الشي حقه الطبيعي لانني اكتشفت بان هناك امورا كثيره لم اتناولها رغم قيمتها التاريخيه العظيمه فاضع اللوم ع 00لى ذاكرتي المرهقه واعود مره اخرى للكتابه من جديد 00فارض السعوديه كانت ولا زالت من اعظم مناطق الجزيره العربيه زخما وكثافه في حضورها التاريخي والثقافي والحضاري منذ فجر التاريخ ومنذ عهد نبي الله ابراهيم عليه السلام وموطن سيدنا اسماعيل عليه السلام ومهبط الوحي الألهي والنور الكامل الكلي والرحمه للعالمين حيث تمت الر ساله الألهيه للبشريه على ارضها بنزول الوحي على سيدنا محمد عليه السلام في مكه والمدينه ويشهد ترابها خطوات الرسول المباركه على ثراها الطيب وكانت لازالت وتبقى مابقي الوجود مهوى القلوب والارواح لكل المؤمنين في جميع بقاع العالم والحلم الذي يتم به الايمان بزيارتها والطواف حول الكعبه في مكه المباركه وحينما افكر بالكتابه عنها حقيقه لأفيها حقها فأنها سوف تحتاج مني الى زياره جديده وربما كتابة كتاب خاص عنها وانا واثق بأنني سوف أكتشف في النهايه بأن هناك المزيد من الأشياء الرائعه والتاريخيه والسياحيه والثقافيه والروحيه لم اعطها حقها لهذا دوما أعود لأكتب من جديد عن جوانب منها حيث لا امل في العودة كلما تذكرت شيئا جديدا يجب ان يكتب حتى لا يطمسه النسيان عندي وقد قررت في هذه الرحله ان اجلس وأسير على شواطئ بحر الرمال الذهبيه وامتع ناظري بتراقص جريد النخل مساء وهو مثقل بقطوفه من الرطب الجني وأتمدد على هذا التراب الساخن نهارا وكأنه فراش وثير حنون يكاد يمتشق بقوه كل تعب الجسد المثقل بالأعباء والسفر وأطلق لخيالي العنان في المساء لأطوف بمدينه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذاكرة المكان وصهيل الذاكرة
طلبت من السائق العمومي الذي كان يقود السيارة بنا من عمان الى المدينه المنورة ان يقف قليلا للاستراحه في مدينة خيبر بعد سيرنا لساعات طويله قادمين من عمان قاطعيين مئات الكيلو مترات من قلب عمان الى اقصى جنوب الاردن منحرفين قليلا الى اليسار صوب الحدود السعوديه حيث تجد باستقبالك شارعا يمتد وكانه لانهايه له عبر بحر من الرمال الذهبيه 0 وقد علق في ذاكرتي نهارا شكل السراب البعيد في قائظه النهار في الصيف اللاهب والمشبعه بحرارة الشمس وكان الشمس تقف فوق رؤوسنا وربما لهذا اطلق الاوروببيون علينا لقب بلاد الشمس والاسطوره ربما لكونهم يحلمون ولو بيوم واحد في العام يكون فيه شمس دافئه في عالم ملىء بالثلج والصقيع وقلة الايام المشمسه ولاننا شعب يؤمن بالتاريخ وتاريخ الاباء والاجداد الذين نعتز بهم ولاكتشف بعد قليل باننا تستقبلنا مدينه حدوديه هي تبوك لاتذكر قول الرسول عليه الصلاة والسلام في احدى غزواته حيث قال لاصحابه لتوشكن هذه ان تكون جنانا وكان حديثه عليه الصلاة والسلام نحو تبوك استباقا هائلا للزمن وليتاكد الامر حيث انتشرت في تبوك المزارع والرياض والجنان وكانها تتحدى بخضرتها وبرائحه اشجارها الخضراء لهب الصحراء العطشى لتمنح فيئها وظلالها وثمارها للقاطفين وتمنحهم لحظات جميله من متعة عبق الارض البكر حينما تنهض في عنفوان جميل محمله بالعطايا لاضيافها واهلها القائمين عليها وجلست مع السائق وبعض الركاب في مقهى شعبي في تبوك على الشارع العام يعمل به شبان يمانيون قدموا الينا الشاي ونحن يجلس كل منا على اريكه طويله من الخشب نسجت حاشيتها من اوراق النخيل المجدول مما اشعرني بقليل من النعاس كان يغريني به هذا الكرسي او الاريكه والتي تصلح سريرا واسعا ويبدوا بانه قد سرت بي الغيره من السائق الذي طلب لنفسه نارجيله من الجراك وهو من بقايا الفواكه كما يقولون واخذت اقرقر بها متمتعا بالقرقره لابالتدخين مما جعلني ازداد نعاسا فلاىحظ السائق بانني اكاد افشل امام سطوه النعاس فاذا به يسعفني بقوله للشاب اليماني العامل بالمقهى احضر للاستاذ دلة قهوة 0 ولم احاول رفض او تكذيب رغبه السائق فيما طلب لى او ان اكلمه لانني اصلا لااشرب القهوة نهائيا لانني ادرك بانه يرغب بمساعدتي وطرد سطوة سلطان النوم عن عيوني وهو لايعلم بانني مصاب بحساسيه من الكافيين علما بان الذين تصيبهم الحساسيه من الكافيين للقهوة واحد بالمليون وكان نصيبي انني انا الواحد بالمليون الذين يضايقهم الكافيين من القهوة ووضع الشاب اليماني امامي دله القهوة جعلتني رائحه القهوة والهيل المميز لااتردد ولو للحظه من ان امد يدي واصب لنفسي فنجانا مترعا من القهوة حتى حافتيه من القهوة السادة وكانني كنت ارغب بالانتقام من كل الاعوام التي لم اذق فيها القهوة بكل صنوفها واخذت ارتشفها ببطىء ولذه لاكتشف بعدها بانني لم اتحسس منها ابدا بل كررت ذلك حتى شربت كل ما في دلة القهوة 0 وضحك السائق قائلا يبدوا بانك تعشق القهوة اجبته ضاحكا انا الكائن الوحيد الذي لايذوق القهوة ولكنني اكتشفت الان بان القهوة هنا بالهال وبطريقة صنعها هي القهوة الوحيدة في العالم التي يجاد صنعها ودقة تقديمها للشاربين فلا تغريني ولا اتحسس منها فاستغرب السائق حديثى واعتذر مني بانه لم يكن يعلم ذلك فشكرته على فكرته فقد تبدد النوم ولاجد بانني في قمه ذروة الصحو والنشاط فتذكرت بان القهوة ومنذ التاريخ هنا يتغنون بها في الشعر الجاهلى وحتى الان لانها الخمر الحميده او خمر العرب وتابعنا سيرنا بعد المغيب من تبوك الى المدينه المنورة رضوان الله على ساكنها لنودعها وانا اتذكر وبكل حب وبصمت ان لى احبة هنا في تبوك وقراء كانوا يراسلونني منذ زمن وكم من المرات قدمت لى دعوات لزيارة المدينه المنورة من قبلهم ولكنني هنا الان اشتم رائحتهم الحبيبه وذكراهم الرائعه واعبر مدينتهم بسكينه على امل ان يعلموا فيما بعد بانني زرتهم وزرت مدينتهم التي يحبونها ويعشقونها وكم حدثوني عنها في رسائلهم التي اعتز بها
والحلقه القادمه ستكون بعنوان
000 الليل اغراء الشعراء 000
000